اللحوم المجمدة.. خطر مغلف بالسعر المنافس
حياة وسوق - منتصر حمدان - تثير عمليات تلاعب بعض التجار بـ«اللحوم المجمدة» مخاوف المواطنين ومربي المواشي على حد سواء، خاصة في ظل ما كشف عنه مؤخرا من مخاطر تعرض حياة الزبائن للخطر، وتعرض مربي المواشي لخسائر مالية.
واكد مسؤولون في احاديث منفصلة لـ(حياة وسوق) انتشار ظاهرة طحن اللحوم وبيعها للمواطنين على انها لحوم طازجة، في حين قال مربو مواش ان استيراد اللحوم من الخارج وبيعها في اسواقنا يلحق اضرارا اقتصادية بهم ويؤثر في قدرتهم على مواصلة عملهم بسبب تباين الاسعار بين اللحوم المحلية الطازجة واللحوم المستوردة من الخارج.
في المقابل، فان مسؤولين في وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني ودائرة الصحة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة يؤكدون وجود اشكالية ناتجة عن اقدام باعة للحوم على ممارسة الغش والتضليل للزبائن عبر طحن بعض مخلفات المواشي او لحوم غير صالحة مع لحوم طازجة وبيعها على اساس انها طازجة.
ودفع كشف هذه الممارسات، التي يقدم عليها تجار في أغلبية محافظات الضفة، مسؤولين في وزارة الاقتصاد الوطني، للتحذير من مخاطر شراء اللحوم المجمدة «المطحونة» سلفا من الملاحم، ومطالبة الزبون بالتأكد من أن طحن اللحمة يتم امام عينيه لتلافي خداعه وتضليله.
وكانت طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني اعلنت نهاية الاسبوع الماضي اتلاف 18 طنا من اللحوم المجمدة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي من جميع الاصناف، وذلك لنمو الأعفان فيها.
وجاء هذا الكشف بعد إبلاغ أحد تجار مدينة الخليل طواقم حماية المستهلك بشكوكه حول صلاحية اللحوم واصراره على اتلافها بالكامل.
ويقول بحبوح فارع، وهو صاحب مزرعة لتربية المواشي في قرية عين يبرود قرب رام الله: «المشكلة تكمن بالاساس بسماح الجهات المختصة ذات العلاقة باستيراد اللحوم من الخارج، الأمر الذي يؤثر على الاسعار ويدفع بعض مرضى الأنفس من التجار للتلاعب والغش في نوعية وجودة اللحمة طمعا في تحقيق ارباح مالية».
واضاف: «عملية طحن وخلط مخلفات اللحوم المحلية مع المستوردة وتجميدها تجعل التاجر قادرا على بيع الكيلو بسعر يتراوح بين 35 و40 شيقلا، في حين ان سعر كيلو اللحمة الطازج يصل الى 75 شيقلا».
وتابع: «استيراد اللحوم من الخارج بشكل عام يؤثر علينا كمربي مواش، خاصة ان المواطنين يركزون للأسف على السعر اكثر من نوعية وجودة اللحمة»، موضحا ان عملية الغش تتم عبر خلط اللحمة الفاسدة منتهية الصلاحية مع لية الرأس او رأس العجل وطحنها معا، وتجميدها قبل بيعها للزبائن على انها لحمة طازجة مستوردة من الخارج.
وعن طبيعة الخسائر المالية التي تلحق بمربي المواشي قال فارع: «يمكن ان يكون لدى المزارع ما بين 200 الى 300 رأس من الاغنام والمواشي، الأمر الذي يستدعي توفير العلف الذي يبلغ سعر الطن الواحد منه 2300 شيقل، والشعير الذي يصل سعر الطن منه إلى 1900 شيقل، ما يعني ان المربي بحاجة لقرابة 4200 شيقل حتى يكون بمقدوره توفير الطعام لمواشيه».
واضاف: «في حالتنا، يترك مربي المواشي وحده دون دعم واسناد من احد. في المقابل، فاننا نجد ان السلطة الوطنية تسمح باستيراد اللحوم من الخارج دون أي اعتبار لانعكاسات ذلك على الثروة الحيوانية التي لدينا».
ومع استيراد اللحوم المجمدة من الخارج، فان المشاكل لا تكون محصورة في الحاق الضرر والخسائر بمربي المواشي فحسب، بل تمتد لتصل الى امكانية تعريض صحة المواطنين لمخاطر صحية متنوعة.
وأقر مدير دائرة الصحة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة، خليل فلنة، بوجود ظاهرة طحن اللحمة والتلاعب بنوعية وجودة اللحوم وغشها في بعض الاحيان، مشيرا الى أن طواقم الرقابة والتفتيش تمكنت في الفترة الماضية من القاء القبض على اكثر من حالة تورطت في مثل هذه الممارسات.
وقال فلنة: «المشكلة لا تكمن في اللحوم المجمدة التي يتم استيرادها من الخارج خاصة ان هذه اللحوم يتم اخضاعها للفحوصات المخبرية والتحقق من ملاءمتها للمواصفات والمقاييس الفلسطينية»، موضحا ان المشكلة تكمن في اقدام بعض اصحاب محال بيع اللحوم على طحن اللحمة وخلطها وطحنها مع بقايا المواشي المذبوحة وبيعها للمواطنين على انها لحوم مجمدة.
واشار الى ان عملية طحن اللحمة يجب ان تتم بمواصفات ومقاييس وطنية ويشترط في طرحها ان يتم امام عيني الزبون، مؤكدا اهمية دور الزبون ويقظته وعدم التركيز على السعر فقط. ويتفق فارع مع حديث فلنة بخصوص اهتمام المواطنين بالسعر دون أي اعتبار لنوعية وجودة اللحمة التي يشتريها، وقال: «سعر كيلو اللحمة الطازجة يصل الى 75 شيقلا، لكن العمال وفئات عريضة من المجتمع تعطي الاهمية للسعر دون اهتمامهم بما قد يلحق بهم وبأسرهم من مخاطر صحية».
واضاف: «لا يمكن فصل انتشار العديد من الامراض في المجتمع الفلسطيني عن طبيعة وجودة الطعام الذي نتناوله».
من جانبه، أكد مسؤول طواقم والرقابة والتفتيش في وزارة الاقتصاد الوطني، ابراهيم العبسة، وجود مخاطر تهدد صحة المواطنين وحياتهم على المدى البعيد بسبب عملية الخداع والغش في اللحوم خاصة انه لا توجد اسرة واحدة قد تستغني عن هذه السلعة.
واوضح ان طواقم الرقابة والتفتيش، بالتعاون مع مختلف المؤسسات الرسمية، تجهد في مراقبة التجار وملاحقة المخالفين ومحاسبتهم وفق القوانين والانظمة المعمول بها، مشيرا الى ان هذه الظاهر منتشرة في عدد من مدن الضفة الغربية ما يتطلب امتناع الزبائن عن شراء اللحوم المطحونة والطلب من التجار طحنها امام اعينهم.
وتابع: «عندما تكون اللحوم معروضة امام الزبائن يمكنهم معرفة مدى صلاحيتها، لكن الخطورة تكمن في اقدام بعض التجار على طحنها وبيعها للزبائن على انها لحوم مجمدة».
من ناحيته، اشار مكتب وزارة الاقتصاد الوطني في مدينة الخليل، ماهر قيسي، إلى ان احد ابرز المشاكل التي تواجه طواقم الرقابة والتفتيش هي عدم السيطرة الفلسطينية على المعابر والحدود، ما يجعل اسواقنا عرضة لادخال مواد استهلاكية مستوردة من الخارج دون خضوعها للفحوصات المخبرية وضمان سلامتها قبل عرضها للبيع في الاسواق. لكن وزير الزراعة، وليد عساف، ردَّ على ذلك بالقول: «وزارة الاقتصاد تعطي موافقات على عمليات استيراد اللحمة من الخارج في حين ان وزارة الزراعة تتحقق عبر الدوائر الرسمية فيها من شهادة المنشأ لهذه البضائع المستوردة وتقوم باخضاعها للفحص المخبري قبل السماح بادخالها للسوق».
واشار عساف الى ان اللحوم الطازجة لا يتم استيرادها من الخارج بل يتم التركيز على استيراد اللحوم المجمدة بعد حصولها على الموافقات الرسمية المطلوبة بما لا يؤثر على السوق المحلية للحوم.
وقال عساف، في مكالمة هاتفية اثناء عودته من مؤتمر الامن الغذائي الذي اقيم في دبي: «استيراد اللحوم المجمدة هو سد للحاجة بكميات محددة، كما يتم اخضاعها للجمارك والضرائب كي لا تنافس الاسعار المحلية»، موضحا انه في حال عدم استيراد اللحوم المجمدة من الخارج فان سعر الكيلو الواحد قد يرتفع الى 100 شيقل.
وبينما يبرر الوزير استيراد اللحوم لتغطية حاجة السوق المحلية، فان المزارع بحبوح فارع يرى الحاجة ملحة لتطوير وتعزيز الثروة الحيوانية من خلال دعم وتطوير المشاريع والمزارع المحلية بما يتيح لها تغطية حاجة سوقنا المحلية وضمان جودة عالية من اللحوم المباعة للمواطنين.
في المقابل، فان مستوردي اللحوم يجدون انفسهم دون حماية في حال تورطهم في شراء لحوم من عدة دول وينفقون اموالا طائلة لادخالها الى الاسواق المحلية حيث تكون عرضة للتلف او انتهاء الصلاحية، ما يجعهلم يتحملون الجزء الاكبر من هذه الخسائر لا سيما ان السلطة الوطنية لا تعوضهم ماليا.
وقال قيسي: «لا يوجد لدى السلطة الوطنية او وزارة الاقتصاد الوطني نظام واضح لتعويض التجار الذين يستوردون البضائع من الخارج في حال تبين ان هذه المنتجات او السلع غير صالحة»، موضحا ان التاجر هو المسؤول الأول والأخير عن صلاحية بضائعه، ولا يمكن للسلطة تعويضه في حال فساد بضائعه المستودة».
واشار الى ان بعض التجار المستوردين للحوم من دول عربية شقيقة تعرضوا لمثل هذه الحالات وخاطبوا الشركات الموردة التي ابدت استعدادها لتعويضهم بجزء من الخسائر وليس تعويضا كاملا.
ولهذه الاسباب فان العديد من تجار اللحوم يرفضون المتاجرة باللحوم المجمدة تحسبا من وقوعهم في مشاكل قد تلحق ضررا بسمعتهم. وقال احد اصحاب محال بيع الدواجن، بعد أن رفضه ذكر اسمه: «لو اعطوني اطنانا من اللحمة مجانا لا اقبلها، لأنني ببساطة لا اعرف ما تحتويه من مواد».
وتابع: «هذا موضوع حساس ويجب التعامل معه بجدية لأنه مرتبط بحياة الناس خاصة الفقراء منهم، وعلى لجان الرقابة والتفتيش الكشف عن المتورطين في عمليات غش وخداع المواطنين ومعاقبتهم باقصى العقوبات بما في ذلك منعهم من معاودة مزاولة مهنتهم على أقل تقدير».
وتنصب الضغوط على لجان وطواقم الرقابة والتفتيش التي تعمل في ظروف بالغة التعقيد، خاصة لجهة انفتاح الاسواق المحلية أمام دخول كميات كبيرة من المواد الغذائية بما فيها اللحوم الى اسواقنا وغياب السيطرة الفلسطينية على المعابر والحدود.
وقال قيسي: «لولا جهود طواقم الرقابة والتفتيش في ضبط المواد الغذائية الفاسدة، لتضاعفت المخاطر بانتشار آلاف الاطنان من المواد الفاسدة». في حين ان العبسة يؤكد اهمية المراهنة على وعي المواطنين في الحذر والتأكد من مدة صلاحية المواد المستهلكة حين يقومون بشرائها من المحال.
ورغم الجهود التي تبذلها فرق الرقابة خاصة في وزارة الاقتصاد الوطني والصحة والزراعة، في متابعة هذه المخالفات، الا ان عملهم لا يتم دون ابداء الشكوى ازاء العراقيل والعقبات والمعيقات التي تقف امام اداء مهامهم على اكمل وجه.
واشار العبسة الذي يقود طواقم ولجان رقابة في وزارة الاقتصاد يصل عدد أفرادها الى 65 موظفا الى وجود معيقات ادارية ومالية تواجه هذه الطواقم اضافة الى غياب المعدات والادوات التي تساعد على فحص البضائع بطريقة فعالة، ويضاف الى ذلك نقص شديد في المركبات التي تنقل افراد طواقم الرقابة والتفتيش وغياب المكافآت والحوافز وحتى غياب علاوات المخاطرة في اداء عملهم.
وطالب العبسة الحكومة بدعم فرق الرقابة والتفتيش وتعزيز دورها من خلال اتخاذ قرارات داعمة لتحسين ظروف عملهم وتوفير متطلباته بما يساهم في حماية صحة المواطن ومواجهة مخاطر المواد الغذائية الفاسدة التي تصل الى اسواقنا ومكافحة ممارسات بعض التجار في خداع وتضليل الزبائن وتهديد صحة مواطنينا.
واكد مسؤولون في احاديث منفصلة لـ(حياة وسوق) انتشار ظاهرة طحن اللحوم وبيعها للمواطنين على انها لحوم طازجة، في حين قال مربو مواش ان استيراد اللحوم من الخارج وبيعها في اسواقنا يلحق اضرارا اقتصادية بهم ويؤثر في قدرتهم على مواصلة عملهم بسبب تباين الاسعار بين اللحوم المحلية الطازجة واللحوم المستوردة من الخارج.
في المقابل، فان مسؤولين في وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني ودائرة الصحة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة يؤكدون وجود اشكالية ناتجة عن اقدام باعة للحوم على ممارسة الغش والتضليل للزبائن عبر طحن بعض مخلفات المواشي او لحوم غير صالحة مع لحوم طازجة وبيعها على اساس انها طازجة.
ودفع كشف هذه الممارسات، التي يقدم عليها تجار في أغلبية محافظات الضفة، مسؤولين في وزارة الاقتصاد الوطني، للتحذير من مخاطر شراء اللحوم المجمدة «المطحونة» سلفا من الملاحم، ومطالبة الزبون بالتأكد من أن طحن اللحمة يتم امام عينيه لتلافي خداعه وتضليله.
وكانت طواقم حماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني اعلنت نهاية الاسبوع الماضي اتلاف 18 طنا من اللحوم المجمدة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي من جميع الاصناف، وذلك لنمو الأعفان فيها.
وجاء هذا الكشف بعد إبلاغ أحد تجار مدينة الخليل طواقم حماية المستهلك بشكوكه حول صلاحية اللحوم واصراره على اتلافها بالكامل.
ويقول بحبوح فارع، وهو صاحب مزرعة لتربية المواشي في قرية عين يبرود قرب رام الله: «المشكلة تكمن بالاساس بسماح الجهات المختصة ذات العلاقة باستيراد اللحوم من الخارج، الأمر الذي يؤثر على الاسعار ويدفع بعض مرضى الأنفس من التجار للتلاعب والغش في نوعية وجودة اللحمة طمعا في تحقيق ارباح مالية».
واضاف: «عملية طحن وخلط مخلفات اللحوم المحلية مع المستوردة وتجميدها تجعل التاجر قادرا على بيع الكيلو بسعر يتراوح بين 35 و40 شيقلا، في حين ان سعر كيلو اللحمة الطازج يصل الى 75 شيقلا».
وتابع: «استيراد اللحوم من الخارج بشكل عام يؤثر علينا كمربي مواش، خاصة ان المواطنين يركزون للأسف على السعر اكثر من نوعية وجودة اللحمة»، موضحا ان عملية الغش تتم عبر خلط اللحمة الفاسدة منتهية الصلاحية مع لية الرأس او رأس العجل وطحنها معا، وتجميدها قبل بيعها للزبائن على انها لحمة طازجة مستوردة من الخارج.
وعن طبيعة الخسائر المالية التي تلحق بمربي المواشي قال فارع: «يمكن ان يكون لدى المزارع ما بين 200 الى 300 رأس من الاغنام والمواشي، الأمر الذي يستدعي توفير العلف الذي يبلغ سعر الطن الواحد منه 2300 شيقل، والشعير الذي يصل سعر الطن منه إلى 1900 شيقل، ما يعني ان المربي بحاجة لقرابة 4200 شيقل حتى يكون بمقدوره توفير الطعام لمواشيه».
واضاف: «في حالتنا، يترك مربي المواشي وحده دون دعم واسناد من احد. في المقابل، فاننا نجد ان السلطة الوطنية تسمح باستيراد اللحوم من الخارج دون أي اعتبار لانعكاسات ذلك على الثروة الحيوانية التي لدينا».
ومع استيراد اللحوم المجمدة من الخارج، فان المشاكل لا تكون محصورة في الحاق الضرر والخسائر بمربي المواشي فحسب، بل تمتد لتصل الى امكانية تعريض صحة المواطنين لمخاطر صحية متنوعة.
وأقر مدير دائرة الصحة والسلامة في محافظة رام الله والبيرة، خليل فلنة، بوجود ظاهرة طحن اللحمة والتلاعب بنوعية وجودة اللحوم وغشها في بعض الاحيان، مشيرا الى أن طواقم الرقابة والتفتيش تمكنت في الفترة الماضية من القاء القبض على اكثر من حالة تورطت في مثل هذه الممارسات.
وقال فلنة: «المشكلة لا تكمن في اللحوم المجمدة التي يتم استيرادها من الخارج خاصة ان هذه اللحوم يتم اخضاعها للفحوصات المخبرية والتحقق من ملاءمتها للمواصفات والمقاييس الفلسطينية»، موضحا ان المشكلة تكمن في اقدام بعض اصحاب محال بيع اللحوم على طحن اللحمة وخلطها وطحنها مع بقايا المواشي المذبوحة وبيعها للمواطنين على انها لحوم مجمدة.
واشار الى ان عملية طحن اللحمة يجب ان تتم بمواصفات ومقاييس وطنية ويشترط في طرحها ان يتم امام عيني الزبون، مؤكدا اهمية دور الزبون ويقظته وعدم التركيز على السعر فقط. ويتفق فارع مع حديث فلنة بخصوص اهتمام المواطنين بالسعر دون أي اعتبار لنوعية وجودة اللحمة التي يشتريها، وقال: «سعر كيلو اللحمة الطازجة يصل الى 75 شيقلا، لكن العمال وفئات عريضة من المجتمع تعطي الاهمية للسعر دون اهتمامهم بما قد يلحق بهم وبأسرهم من مخاطر صحية».
واضاف: «لا يمكن فصل انتشار العديد من الامراض في المجتمع الفلسطيني عن طبيعة وجودة الطعام الذي نتناوله».
من جانبه، أكد مسؤول طواقم والرقابة والتفتيش في وزارة الاقتصاد الوطني، ابراهيم العبسة، وجود مخاطر تهدد صحة المواطنين وحياتهم على المدى البعيد بسبب عملية الخداع والغش في اللحوم خاصة انه لا توجد اسرة واحدة قد تستغني عن هذه السلعة.
واوضح ان طواقم الرقابة والتفتيش، بالتعاون مع مختلف المؤسسات الرسمية، تجهد في مراقبة التجار وملاحقة المخالفين ومحاسبتهم وفق القوانين والانظمة المعمول بها، مشيرا الى ان هذه الظاهر منتشرة في عدد من مدن الضفة الغربية ما يتطلب امتناع الزبائن عن شراء اللحوم المطحونة والطلب من التجار طحنها امام اعينهم.
وتابع: «عندما تكون اللحوم معروضة امام الزبائن يمكنهم معرفة مدى صلاحيتها، لكن الخطورة تكمن في اقدام بعض التجار على طحنها وبيعها للزبائن على انها لحوم مجمدة».
من ناحيته، اشار مكتب وزارة الاقتصاد الوطني في مدينة الخليل، ماهر قيسي، إلى ان احد ابرز المشاكل التي تواجه طواقم الرقابة والتفتيش هي عدم السيطرة الفلسطينية على المعابر والحدود، ما يجعل اسواقنا عرضة لادخال مواد استهلاكية مستوردة من الخارج دون خضوعها للفحوصات المخبرية وضمان سلامتها قبل عرضها للبيع في الاسواق. لكن وزير الزراعة، وليد عساف، ردَّ على ذلك بالقول: «وزارة الاقتصاد تعطي موافقات على عمليات استيراد اللحمة من الخارج في حين ان وزارة الزراعة تتحقق عبر الدوائر الرسمية فيها من شهادة المنشأ لهذه البضائع المستوردة وتقوم باخضاعها للفحص المخبري قبل السماح بادخالها للسوق».
واشار عساف الى ان اللحوم الطازجة لا يتم استيرادها من الخارج بل يتم التركيز على استيراد اللحوم المجمدة بعد حصولها على الموافقات الرسمية المطلوبة بما لا يؤثر على السوق المحلية للحوم.
وقال عساف، في مكالمة هاتفية اثناء عودته من مؤتمر الامن الغذائي الذي اقيم في دبي: «استيراد اللحوم المجمدة هو سد للحاجة بكميات محددة، كما يتم اخضاعها للجمارك والضرائب كي لا تنافس الاسعار المحلية»، موضحا انه في حال عدم استيراد اللحوم المجمدة من الخارج فان سعر الكيلو الواحد قد يرتفع الى 100 شيقل.
وبينما يبرر الوزير استيراد اللحوم لتغطية حاجة السوق المحلية، فان المزارع بحبوح فارع يرى الحاجة ملحة لتطوير وتعزيز الثروة الحيوانية من خلال دعم وتطوير المشاريع والمزارع المحلية بما يتيح لها تغطية حاجة سوقنا المحلية وضمان جودة عالية من اللحوم المباعة للمواطنين.
في المقابل، فان مستوردي اللحوم يجدون انفسهم دون حماية في حال تورطهم في شراء لحوم من عدة دول وينفقون اموالا طائلة لادخالها الى الاسواق المحلية حيث تكون عرضة للتلف او انتهاء الصلاحية، ما يجعهلم يتحملون الجزء الاكبر من هذه الخسائر لا سيما ان السلطة الوطنية لا تعوضهم ماليا.
وقال قيسي: «لا يوجد لدى السلطة الوطنية او وزارة الاقتصاد الوطني نظام واضح لتعويض التجار الذين يستوردون البضائع من الخارج في حال تبين ان هذه المنتجات او السلع غير صالحة»، موضحا ان التاجر هو المسؤول الأول والأخير عن صلاحية بضائعه، ولا يمكن للسلطة تعويضه في حال فساد بضائعه المستودة».
واشار الى ان بعض التجار المستوردين للحوم من دول عربية شقيقة تعرضوا لمثل هذه الحالات وخاطبوا الشركات الموردة التي ابدت استعدادها لتعويضهم بجزء من الخسائر وليس تعويضا كاملا.
ولهذه الاسباب فان العديد من تجار اللحوم يرفضون المتاجرة باللحوم المجمدة تحسبا من وقوعهم في مشاكل قد تلحق ضررا بسمعتهم. وقال احد اصحاب محال بيع الدواجن، بعد أن رفضه ذكر اسمه: «لو اعطوني اطنانا من اللحمة مجانا لا اقبلها، لأنني ببساطة لا اعرف ما تحتويه من مواد».
وتابع: «هذا موضوع حساس ويجب التعامل معه بجدية لأنه مرتبط بحياة الناس خاصة الفقراء منهم، وعلى لجان الرقابة والتفتيش الكشف عن المتورطين في عمليات غش وخداع المواطنين ومعاقبتهم باقصى العقوبات بما في ذلك منعهم من معاودة مزاولة مهنتهم على أقل تقدير».
وتنصب الضغوط على لجان وطواقم الرقابة والتفتيش التي تعمل في ظروف بالغة التعقيد، خاصة لجهة انفتاح الاسواق المحلية أمام دخول كميات كبيرة من المواد الغذائية بما فيها اللحوم الى اسواقنا وغياب السيطرة الفلسطينية على المعابر والحدود.
وقال قيسي: «لولا جهود طواقم الرقابة والتفتيش في ضبط المواد الغذائية الفاسدة، لتضاعفت المخاطر بانتشار آلاف الاطنان من المواد الفاسدة». في حين ان العبسة يؤكد اهمية المراهنة على وعي المواطنين في الحذر والتأكد من مدة صلاحية المواد المستهلكة حين يقومون بشرائها من المحال.
ورغم الجهود التي تبذلها فرق الرقابة خاصة في وزارة الاقتصاد الوطني والصحة والزراعة، في متابعة هذه المخالفات، الا ان عملهم لا يتم دون ابداء الشكوى ازاء العراقيل والعقبات والمعيقات التي تقف امام اداء مهامهم على اكمل وجه.
واشار العبسة الذي يقود طواقم ولجان رقابة في وزارة الاقتصاد يصل عدد أفرادها الى 65 موظفا الى وجود معيقات ادارية ومالية تواجه هذه الطواقم اضافة الى غياب المعدات والادوات التي تساعد على فحص البضائع بطريقة فعالة، ويضاف الى ذلك نقص شديد في المركبات التي تنقل افراد طواقم الرقابة والتفتيش وغياب المكافآت والحوافز وحتى غياب علاوات المخاطرة في اداء عملهم.
وطالب العبسة الحكومة بدعم فرق الرقابة والتفتيش وتعزيز دورها من خلال اتخاذ قرارات داعمة لتحسين ظروف عملهم وتوفير متطلباته بما يساهم في حماية صحة المواطن ومواجهة مخاطر المواد الغذائية الفاسدة التي تصل الى اسواقنا ومكافحة ممارسات بعض التجار في خداع وتضليل الزبائن وتهديد صحة مواطنينا.
تعليقات
إرسال تعليق